أنشيلوتي وتحدي تحسين دفاع ريال مدريد.. إلقاء اللوم على مبابي
كارلو أنشيلوتي، الذي يعترف بصراحة أنه لم يعثر بعد على المفتاح الذي يحوّل ريال مدريد إلى آلة متكاملة كما كان متوقعاً، لا ينوي الوقوف مكتوف الأيدي منتظراً أن تستعيد نجوم الفريق بريقها تلقائياً.
بل على العكس، فهو يقوم حالياً بمراجعة دقيقة لكل خطوة يتخذها الفريق، سواء في الهجوم أو الدفاع، لاكتشاف مصدر المشكلات. وقد خلص إلى أن التركيز الأساسي يجب أن يكون على تحسين النظام الدفاعي ككل، وليس فقط على خط الدفاع الخلفي.
من بين القضايا التي يوليها اهتماماً كبيراً هو الضغط العالي، الذي غالباً ما يتلاشى بسهولة، وفي هذا السياق، لا يظهر كيليان مبابي بأفضل صورة.
في مؤتمر صحفي عقده هذا الشهر، أوضح أنشيلوتي أن المطلوب من مبابي في الأساس هو التألق الهجومي، مع الاعتراف بأن النجم الفرنسي لا يمكنه بذل جهود دفاعية مرهقة تؤثر سلباً على أدائه في الأمتار الأخيرة من الملعب، ومع ذلك، فإن هذا لا يعفيه من مسؤولياته الدفاعية.
رغم أن الجمهور ركز على أداء مبابي ضد برشلونة بسبب ميله للتسلل وإضاعة الفرص، فإن أنشيلوتي يعتبر أن هذا وضع مؤقت.
فمبابي، بلا شك، سيعود لتحقيق أرقام مميزة، التحدي الحقيقي يكمن في أداء الفريق ككل عند فقدان الكرة، كما ظهر في مباراة ليفاندوفسكي التي خسرها الفريق بهدف دون رد، حيث افتتح كاسادو الهجمة في وسط الملعب دون أي مضايقة من مبابي.
أظهرت الإحصائيات أن مبابي ركض مسافة ثمانية كيلومترات فقط في مباراة الكلاسيكو، وهي مسافة منخفضة مقارنة بمعايير اللاعبين الآخرين، حيث يبلغ متوسط الجري في المباريات عادةً حوالي 10 كيلومترات.
في المقابل، بلغ متوسط جافي في إحدى المباريات 12-13 كيلومتراً. وفقاً لدراسة أعدها مرصد CIES، يبلغ متوسط مسافة الجري للمهاجمين 9.9 كيلومتر في المباراة الواحدة، ما يبرز إهمال مبابي للواجبات الدفاعية، الأمر الذي يضيف عبئاً على زملائه ويخل بالمنظومة الدفاعية للفريق.
ظهر هذا واضحاً في إحصائية تشير إلى أن ريال مدريد ركض مسافة أقل بـ 10 كيلومترات من برشلونة، ما يوضح عدم وجود انسجام دفاعي كافٍ.
جود بيلينجهام يُعتبر أحد أكبر المتضررين من هذا الخلل التكتيكي، فرغم بذله جهوداً كبيرة، لم تكن نتائجه جيدة مثلما كانت عند انضمامه للبرنابيو. هذه المشكلات أثارت نقاشات داخل الفريق حول دور مبابي في الفريق، خاصة بعد مباراة بوروسيا دورتموند ومباراة الكلاسيكو، حيث تزايدت المحادثات الساخنة بين اللاعبين في محاولة لحل الاختلالات الدفاعية.
على الرغم من وجود تفاهم بأن النجوم عادةً ما يُعفون من بعض الواجبات الدفاعية للحفاظ على طاقاتهم الهجومية، إلا أن أداء مبابي في هذه الجوانب كان محل انتقاد لعدم تعويضه الدفاعي بشكل كافٍ.
وما يعزز هذا الموقف هو مقارنات بإسهامات لاعبين آخرين مثل كريم بنزيما، الذي تحول تدريجياً إلى عنصر أساسي في الضغط الدفاعي، مما ساهم في تحقيق الفريق أهدافاً حاسمة، حتى في المباريات النهائية.
هذا هو التحول الذي يطمح أنشيلوتي إلى رؤيته في مبابي، ويتمنى أن يقوم النجم الفرنسي بالنقد الذاتي ويعترف بأهمية دوره الدفاعي.
تجربة مبابي مع لويس إنريكي تُبرز هذا الجانب أيضاً، كما يظهر في فيلم وثائقي، حاول إنريكي إقناع مبابي بأهمية الدفاع من خلال عرض مقاطع فيديو له في جلسة تدريبية، مشيراً إلى كيفية دفاع نجم كرة السلة مايكل جوردان بقوة، هذه المحاولة هدفت إلى جعله يدرك ضرورة مساهمته الدفاعية ليصبح قائداً حقيقياً في الملعب. ورغم وعود مبابي بالتحسن، إلا أن التغيير لم يستمر طويلاً بعد انتقاله إلى مدريد.
بحلول أكتوبر، كانت إحصائيات الضغط التي يقدمها مبابي في الدوري الإسباني هي الأدنى بين المهاجمين الذين لعبوا 300 دقيقة على الأقل، بمتوسط 0.63 ضغوط لكل 90 دقيقة، مقارنة بلاعبين آخرين مثل رودريغو (2.42) وفينيسيوس (2.69)، حتى لوكا مودريتش، بعمر 39 عاماً، كان يتفوق في هذا الجانب. كما تراجعت معدلات مبابي في المواجهات الثنائية، ما يثير القلق في الفريق.
هذه الأرقام دفعت الجهاز الفني إلى التفكير في حلول مختلفة لتحسين الضغط الدفاعي دون التأثير على خط الوسط والدفاع، وأحد الحلول التي يتم تجربتها هو تبديل مراكز الضغط بين مبابي وفينيسيوس، بحيث يقوم البرازيلي بالضغط الأول، ما يسمح لمبابي بتغطية الجانب الأيمن. كما تُدرس إمكانية دفع بيلينجهام أو مودريتش للضغط الأول، بينما يتولى كامافينجا وفالفيردي تغطية المساحات خلفهما.
إجمالاً، ورغم وجود أفكار أخرى مثل خفض الخط الدفاعي للتقليل من الفجوات، يرى أنشيلوتي أن هذه الاستراتيجية قد تكون ضارة وتحد من ميزات الفريق. لذا، يستمر الفريق في التركيز على تعزيز التنسيق الدفاعي والضغط الجماعي، مع أمل في أن يفهم مبابي أن الدفاع مسؤولية جماعية ولا غنى عنها لتحقيق النجاح.