إدواردو بلاسكو: البطل الذي أنقذ الأرواح وواصل تحطيم الأرقام القياسية

"المجتمع الذي نعيش فيه قوي لأننا ندرك أن للجميع الحق في الحياة. وفي اللحظة التي نبرر فيها الموت، نكون قد فشلنا"، هكذا بدأ إدواردو بلاسكو، البطل العالمي في الإنقاذ، حديثه وهو في الثلاثين من عمره.
يحمل في جعبته ألقابًا عالمية وأوروبية ووطنية، وكان آخرها قبل أيام قليلة فقط، عندما أكد أنه لا يزال قادرًا على التميز في الرياضة رغم انشغاله بالشأن الإنساني.
في عام 2024، توج بلاسكو ببطولة العالم في سباق 50 مترًا إنقاذًا، بينما واصل في الوقت نفسه نشاطه في إنقاذ الأرواح في البحر الأبيض المتوسط والصحراء الكبرى، وكذلك خلال فيضانات فالنسيا.
جمع بلاسكو بين العمل الإنساني والإنجاز الرياضي، مبرهنًا على أن الالتزام المجتمعي لا يتعارض مع الطموح الرياضي.
رغم أن لقبه العالمي هو الأبرز رياضيًا، إلا أن بلاسكو يرى أن التأثير الإنساني له وقع مختلف: "كنت أستعد للمشاركة في بعثة إنسانية إلى غزة، لكنني لم أتمكن من الوصول، فقررت بدلًا من ذلك الاستعداد لكأس العالم في بريسبان. الفوز هناك منحني فرصة لإيصال صوت أولئك الذين لا يُسمع صوتهم".
وبعد غزة، اتجه إلى الصحراء الغربية، حيث شارك في إيصال شحنات طبية للأطفال المتضررين من الفيضانات في الداخل،. هناك، تعرف على واقع النزاع بين المغرب والصحراء، وفهم الظروف التي تجعل طريق الهجرة إلى جزر الكناري من أخطر الطرق في العالم.
"ذهبت إلى ليسبوس ولامبيدوزا، لكنني كنت بحاجة لفهم طريق جزر الكناري عن قرب. آلاف المهاجرين يعبرون هذا الطريق سنويًا، وتجاوزوا أرقام عام 2006"، يقول بلاسكو.
ويرى أن اللاجئين أشخاص ذوو حقوق، ويجب أن تُمنح لهم الفرصة لبناء مستقبل أفضل، "لا يمكن أن يستمر الأطفال في اللعب وسط الأنقاض، بينما يحظى غيرهم بالأمن والتعليم. توفير الحد الأدنى من الدخل للجميع أساس للتعايش السلمي"، يضيف.
لكن العمل الميداني ليس سهلًا دائمًا. يقول: "لا يمكننا التدخل داخل مناطق محددة أو مياه سيادية. نعمل في المياه الدولية فقط، لكننا نستطيع من خلالها قراءة الأزمات قبل أن تنفجر، لأن الناس يعانون آثارها أولًا".
وفي أكتوبر، وبينما كان يستعد للعودة للتدريبات، هزت الفيضانات مدينة فالنسيا، لم يستطع بلاسكو الجلوس مكتوف اليدين.
توجه إلى مدينة ألبال، حيث ساعد فرق الطوارئ في عمليات البحث والإنقاذ، ونقل المركبات، وفتح الأبواب، وانتشال الجثث. أمضى هناك 41 يومًا، وخرج منها منهكًا لكنه مدفوعًا برسالة إنسانية واضحة.
ورغم الإرهاق، استأنف تدريباته، وبعد أسابيع قليلة، فاز ببطولة إسبانيا محققًا رقمًا قياسيًا جديدًا في سباق 50 مترًا، "لم أكن في أفضل حالاتي، لكن عمليات الإنقاذ ساعدتني في الحفاظ على لياقتي الهوائية. عندما تخسر سباقًا، لا يحدث شيء. لكن في مهمة إنقاذ، حياة شخص على المحك، ولا مجال للفشل"، يقول بلاسكو.
التدريب التقليدي لا يكفي للتحضير للمهمات، بحسب بلاسكو "تدريبي الآن يعتمد على الأداء الوظيفي، أشبه بتدريب الكروس فت. يجب أن تكون قادرًا على التسلق، والدفع، والتعامل مع التيارات... أما تدريب المسابح فلا يُعدّك لهذا النوع من الظروف".
إلى جانب التدريب البدني، يؤكد على أهمية الإعداد النفسي. "أحتاج إلى طبيب نفسي يرافقني يوميًا خلال المهمات. يجب أن تتعامل مع ضغوط الأداء والانتقادات، وتحافظ على تركيزك. هدفنا هو حماية الحياة، لا ترويج الإيديولوجيات".
يأمل بلاسكو أن يساهم في تعزيز هذه القيم على كل المستويات، بدءًا من الملاعب وصولًا إلى المجتمع. "عندما يحضر الأطفال مباراة كرة قدم، لا ينبغي أن يروا العنف اللفظي أو الحركات البذيئة. يجب أن نكون قدوة لهم".
اليوم، وبينما يترقب المهمة القادمة في البحر الأبيض المتوسط، يستمر بلاسكو في تحطيم الأرقام وتحقيق البطولات، لكن هدفه الأسمى يتجاوز الميداليات "هدفي الآن هو كسر رقمي الوطني في السباحة، لكن الأهم هو أن أستمر في إنقاذ الأرواح. لا شيء يعادل ذلك الشعور. لا بطولة، ولا تتويج، ولا لحظة مجد".