أنشيلوتي والبرازيل: قصة الفشل المفاجئ ماذا حصل؟

في عالم كرة القدم، لا يطمئن أولئك الذين يديرون المفاوضات خلف الكواليس إلا عندما يُوقّع العقد، فالوعود والنيات لا تعني شيئًا ما لم تُدوَّن على الورق ويُوضع التوقيع في الأسفل.
وتُجسّد حالة كارلو أنشيلوتي مع منتخب البرازيل هذا الواقع. فطوال يوم أمس، انتشرت شائعات حول اقتراب المدرب الإيطالي من تدريب "السيليساو"، لكن الصفقة لم تُحسم كما كان متوقعًا، بعدما غادر أنشيلوتي لندن دون التوقيع على أي عقد، عائدًا إلى مدريد بعد الظهر.
ووفقًا لصحيفة "ماركا" الإسبانية، فقد كان كل شيء جاهزًا على الورق، ولم يتبقَ سوى توقيع المدرب. إلا أن أنشيلوتي تراجع في اللحظة الأخيرة، في مشهد درامي وقع مساء الإثنين في تمام الساعة 9:20.
لقاءات في العاصمة بعد مواجهة مدريد – أرسنال
كشفت صحيفة "ماركا" أن دييغو فيرنانديز، مبعوث الاتحاد البرازيلي لكرة القدم، حضر مباراة ريال مدريد ضد أرسنال في دوري أبطال أوروبا برفقة وكيل الأعمال الإسباني ألفارو كوستا.
وكان الهدف من هذا التحرك تجاوز العقبات المتبقية لإقناع أنشيلوتي بترك ريال مدريد، والتفرغ لقيادة منتخب البرازيل بدءًا من يونيو، حتى ولو تطلّب الأمر التخلي عن بطولة كأس العالم للأندية.
وكان من المقرر أن يبدأ مهامه في 26 مايو، أي بعد نهاية الدوري الإسباني، بتقديم نفسه رسميًا وإعلان تشكيلته لمباراتي الإكوادور وباراغواي.
وفي اليوم التالي لهزيمة ريال مدريد أمام أرسنال، التقى أنشيلوتي بفيرنانديز خلال غداء، وأعطى موافقته المبدئية لتولي تدريب البرازيل حتى ما بعد مونديال 2026.
تصاعد الاتصالات بعد نهائي الكأس
وتضيف "ماركا" أن دييغو فيرنانديز كان حاضرًا أيضًا في مدرجات ملعب لا كارتوخا، حيث التقى مجددًا بأنشيلوتي.
واتفق الطرفان على إنهاء الصفقة خلال زيارة للندن يوم الإثنين. لكن غياب رئيس الاتحاد البرازيلي، إيدنالدو رودريغيز، عن هذا اللقاء، وضع بعض العراقيل.
ورغم استمرار المفاوضات طوال يوم الإثنين، وتبادل نسخ العقود مع مدريد لمراجعتها، إلا أن المدرب لم يُوقّع في النهاية.
عاد أنشيلوتي إلى مدريد في وقت لاحق من نفس اليوم، رفقة المبعوث البرازيلي، ليحضر جلسة التدريب في فالديبيباس، وبحلول العاشرة والنصف مساءً، انهارت الصفقة تمامًا، وأبلغ المدرب الوسطاء بأنه لن يُوقّع.
وقد نقلت "ماركا" عن أحد الحاضرين قوله: "كل شيء ينهار، أنشيلوتي أبلغنا أن ريال مدريد لن يسمح له بالتوقيع، مما صدم الوسطاء".
لماذا لم يُوقّع أنشيلوتي؟
تعددت الروايات حول أسباب رفض المدرب للتوقيع، ففي حين قالت مصادر من الاتحاد البرازيلي إن أنشيلوتي طالب بجزء من راتبه عن العام المتبقي في مدريد، نفى مقرّبون منه ذلك جملة وتفصيلًا، مؤكدين أن ريال مدريد لم يضع أي عراقيل، ولم يُطالب بتعويضات.
لكن ما يبدو مؤكدًا هو أن توقيع العقد دون إعلان رسمي من ريال مدريد كان يُمثل مخاطرة كبيرة. فالمدرب، رغم تلقيه الضوء الأخضر للتفاوض، كان مترددًا في التوقيع على عقد قد يتسرب إلى الإعلام بينما لا يزال على رأس الجهاز الفني للفريق الملكي.
وفي الوقت ذاته، لا يزال الغموض يلفّ بعض تفاصيل هذا الفشل، حتى بالنسبة للمفاوضين أنفسهم الذين لا يعرفون على وجه الدقة سبب تراجع أنشيلوتي.
وكان لافتًا أن يعود المدرب من لندن إلى مدريد برفقة المبعوث البرازيلي، وسط تغطية إعلامية كبيرة حول تحركاته.
عرض سعودي على الطاولة؟
ووفقًا لمصادر مقربة من المفاوضات، فقد طُرح أيضًا خيار تدريب أحد الأندية السعودية خلال محادثات لندن، ما قد يكون أحد الأسباب وراء تردد أنشيلوتي، إلا أن بعض مستشاريه أكدوا أنهم لم يطلعوا على هذا العرض حتى الآن، مما يشير إلى أنه لا يزال في مرحلة مبكرة.
ويبقى الآن أن ننتظر الخطوة التالية لكل من أنشيلوتي وريال مدريد، ففي حال فشلت مفاوضات البرازيل بشكل نهائي، قد يقود المدرب الفريق في كأس العالم للأندية، رغم أن إدارة النادي كانت قد بدأت بالفعل دراسة خيار "المدرب الجسر"، مع ترشيحات قوية لسولاري، في انتظار قدوم مدرب دائم، أبرزهم تشابي ألونسو.
نهاية متوترة لرحيل لم يكتمل
لم تكن لدى أنشيلوتي أو عائلته اعتراضات تتعلق بالإقامة أو الأمن في البرازيل، بل كانوا قد اتفقوا بالفعل على تفاصيل الانتقال.
وكان من المفترض أن يكون خروجه من مدريد خطوة هادئة ومنظمة، لينتقل من أكثر نادٍ تتويجًا في العالم إلى أكثر المنتخبات تتويجًا، إلا أن الفوضى التي رافقت المفاوضات جعلت من هذه الخطوة المنتظرة قصة غير مكتملة... على الأقل حتى الآن.