إبراهيم سعيد ... هل أصبح مجرم حرب ؟
بقلم : محمد العتيبي
\" اقطعوا رأس ابراهيم تعيش الكرة المصرية \" , \" اذبحوا ابراهيم يعود الأهلي للمنصات \" , \" انتقموا من الخائن واطردوه \" . هذه كلها لم تكن عبارات شعب موجهة إلى قائد احتل بلده وقتل الاطفال والنساء والشيوخ فيها , ولابعبارات شقيق مقتول في حق من قتل أخاه , بل هي عبارات صحفيين معتمدين (رسميا وحكوميا) في حق لاعب حمل شعار مصر في أكثر من محفل دولي وحمل لواء مصر في ملاعب الانجليز إبان تمثيله لنادي ايفرتون الانجليزي سابقا من أجل خطأ بسيط ارتكبه إن كان مافعله خطأ مئة بالمئة .
لم أشأ أن أتحدث عن هذه القضية التي هي قضية الساعة في الشارع الرياضي المصري والشارع الرياض العربي على وجه العموم فكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها وأنا لست من أهل مكة ولا أزكي نفسي في معرفة شعابها أبدا .
ولكن مايدور حاليا وماقد نسميه حقيقة \"سيلا بلغ الزبى\" يحزن كل متابع للكرة المصرية وكل مستمتع بكرة الفراعنة ونجومها الذين راجت أسماءهم في كل قطر عربي لما قدموه لبلادهم ولما يمتلكونه من أخلاق عالية يشهد لها القاصي والداني .
ابراهيم سعيد أو كما يحب كل مصري أن يطلق عليه لقب \" هيما \" كان هو اللاعب الوحيد الذي كشف قصور قوانينا الاحترافية عربيا واستطاع أن يرينا الجانب الخفي الناقص في القانون فكان جزاءه منا ان وصفناه بالخائن والجبان والكذاب والممثل وناكر الجميل وماإلى ذلك من الألقاب التي يندى لها الجبين .
لماذا كل هذا ؟ هل نريد ان نغطي ضعف قوانينا الاحترافية بمعاقبة إبراهيم فقط ؟ . هل في قانوننا \"الأغر\" فقرة صريحة تفيد بمعاقبة من يرفض التوقيع لناديه ؟ واي احتراف هذا الذي نريد ان نطبقه على اللاعبين ونقول لهم اعملوا واعملوا واحضروا الساعة الفلانية للتدريبات ولا نعطيهم مقابل ذلك الا رواتب متأخرة دون أن نسمح لهم حتى بتطبيق جانب القانون الذي في صالح اللاعب ؟ وفي الأخير نأتي بفلسفتنا المعتادة ونقول : \" الاحتراف في الدول العربية فاشل لأن اللاعبين لايطبقونه جيدا \" , كيف سيطبقونه ونحن نفهمهم ان الاحتراف أن تعطي فقط يا\"حضرة اللاعب\" ولك منا رواتب متأخرة على أن تتبع قانونا مفبركا كله لصالح النادي ولايوجد ماهو في صالحك أبدا في بنوده .
من قرأ نص قرار العقوبة التي صدرت في حق إبراهيم يدرك أنها عقوبة شخصية أكثر مماهي قانونية ففيها لم نر كلمة بناءا على البند او الفقرة كذا وكذا كماهو معتاد , بل عللت تلك العقوبة بأن هذا العقاب حتى يكون رادعا لغيره من اللاعبين فقط !
ألم نسأل أنفسنا لماذا يريد ابراهيم خسارة الاهلي ماديا كما زعم البعض وانه لن يقبل أي عرض احترافي إلا بعد انتهاء عقده مع الاهلي حتى لايستفيد النادي من قيمة عقده الجديد ؟ مامصلحته في ذلك إن كان هذا صحيحا مادام أنه سيأخذ نصيبه \" على داير المليم \"؟ , ثم فلنفترض ان ابراهيم قصد ذلك بالفعل , ماالذي يمنعه من ذلك ؟ أليس من حق اللاعب أن يرفض أي مبلغ لايرضي طموحاته سواءا كان من ناديه أو من غيره ؟ أليس رفض اللاعب التوقيع والاقتناع بتلك المبالغ التي لاترضيه معناه أنه سيبقي في منزله عاطلا دون مصدر رزق ؟ إذن فخسارته وأذاه على نفسه والكل يعرف ذلك فلماذا إذن نجبره على أن يوقع في الفترة مابين تاريخ كذا وكذا وإلا فسنعاقبه إذا كنا نقول أن هذا هو احتراف وكل لاعب أعلم بمصلحته ومسؤول عنها ؟ .
خلاصة الحديث أن إبراهيم حتى وإن كان مخطئا واحتال على قانوننا الاحترافي الضعيف ذو الفجوات العديدة , لم يكن من المفروض كل هذه الحرب الإعلامية التي نراها تحاك ضده في كل مطبوعة وكل موقع رياضي . وأتساءل كيف وقفت حتى الآن نقابة الصحفيين مكتوفة الايدي تجاه هذه الألفاظ \"الدونية القاسية\" في حق لاعب هو انسان قبل أن يكون لاعب ؟ وكيف يسمح أيضا صاحب موقع ما أن تنشر تلك الألفاظ في موقعه ؟ وأين هي آداب الحوار والنقاش ؟ .
في الحقيقة هذه القضية قضية متشابكة الخيوط ولن نستطيع بحال من الأحوال إيضاح هل ابراهيم مخطئ أم الاهلي أم الزمالك ام هو اتحاد الكرة ؟ ولكني في هذا المقال أردت أن أذكر تلك الأقلام وتلك الصحف التي انهالت على ابراهيم الجريح بكل كلمات القسوة واللاأدب بأن هذا هو نفسه ابراهيم الذي وصفتموه بعبارات المدح والثناء , ابراهيم الذي لن ينسى كل مصري ماأنجزه للأهلي وللمنتخب القومي , ابراهيم الذي استحق الانضمام إلى قائمة أكثر اللاعبين تأثيرا في الكرة المصرية مع حسام حسن وأحمد شوبير ومن سبقهم على مر تاريخ كرة مصر .
عموما كانت نهاية تلك القصة بأن ظهر إبراهيم على شاشة التلفاز وقدم اعتذاره لكل رياضي في مشهد لن ينساه كل من شاهد تلك القناة الفضائية في تلك الساعة والدموع تملأ عين إبراهيم , ولكن مع ذلك وحتى نستدل بانها أقلام تحارب فقط لا تنتقد نقدا بناءا كما تدعي خرج إلينا من خرج وأسمى حالة إبراهيم تلك وعودته للصواب الذي يريدونه بأنها مجرد تمثيلية !!! .