إنديرا بوش... الإسبانية التي كسرت قواعد هوكي الجليد

ليس من المعتاد أن يتألق لاعب هوكي جليد إسباني على الساحة الدولية، ناهيك عن اختياره ضمن الفريق المثالي في بطولة كبرى مثل كأس العالم، لكن الشابة إنديرا بوش (19 عامًا) كُتبت لها مسيرة مختلفة.
في بطولة كأس العالم الأخيرة التي أُقيمت في بيتوم (بولندا)، حيث حقق المنتخب الإسباني الصعود إلى المجموعة الثانية من القسم الأول، تألقت إنديرا بشكل لافت، لتُختار أفضل مدافعة في البطولة، في إنجاز غير مسبوق.
إنديرا، المولودة في مدينة بويجسيردا، لم تكن بعيدة عن الهوكي يومًا، فشغف اللعبة يجري في عروق عائلتها، التي تعرّفت إلى هذه الرياضة بفضل والدها رامون، الذي مارس هوكي الدحرجة في مدريد، قبل أن ينتقل إلى سيردانيا، ويبدّل العجلات بالشفرات، ليقع في حب الهوكي على الجليد وينقله إلى أبنائه.
إنديرا، السابعة بين ثمانية إخوة، اختارت الهوكي رغم محاولات والدتها جذبها لرياضة التزلج الفني، تقول: "كنت أشاهد إخوتي وهم يلعبون، وكنت أرغب في الانضمام إليهم. قلت لوالدي: أريد أن ألعب هوكي الجليد".
وتتذكر أول يوم لها في الحلبة قائلة: "أُعطيت خوذة كبيرة تسقط من رأسي، وتلقيت ضربة قوية، لكني أحببت التجربة".
ومنذ تلك اللحظة، أصبحت حلبة التزلج بيتها الثاني، تقضي فيه ساعات طويلة، تشاهد المباريات مع والدها، وتُصمم شعارات الفرق، مدفوعة بحلم أن تصبح محترفة.
نصيحة والدها بأن تلعب في مركز الدفاع كانت حاسمة، فقد أظهرت قدرات بدنية متميزة، وبرزت بسرعة، حتى انضمت إلى معسكر المنتخب الإسباني لأول مرة وهي في الثالثة عشرة.
وبعد عامين فقط، قررت السفر إلى السويد لمواصلة حلمها، وانضمت إلى نادي سودرتاليا إس كيه، حيث أصبحت واحدة من أبرز لاعبات الفريق.
اللقب "الثور" أطلقه عليها مدربها السويدي، قائلًا إنها تنخفض برأسها عند تسديد القرص ولا ترفعه حتى تصطدم بالجدار، تعبيرًا عن حماسها وقوتها الهجومية.
رغم الصعوبات اللغوية في البداية، إلا أن إنديرا سرعان ما تأقلمت، وأصبحت ترتدي الرقم 44 وتُعتبر من أفضل المدافعات في الدوري السويدي، محققة عدة جوائز فردية، منها أفضل مدافعة ناشئة وأعلى مدافعة تسجيلاً للأهداف في موسمي 2021-2022 و2024-2025.
إلى جانب التدريب واللعب، تُدرّب الفئات العمرية الصغرى في النادي، وتقضي أوقاتها مع أصدقائها على شاطئ سودرتاليا، تمارس كرة القدم وكرة السلة، وتُخطط لمستقبلها الرياضي.
فهي عاشقة للسفر، ولا تستبعد اللعب في دوريات أخرى، خاصة في فنلندا، حيث تُعد رياضة الهوكي تقليدًا وطنيًا.
إنديرا، التي تتخذ كريستيانو رونالدو ويوسين بولت قدوة لها، أثبتت أن الحلم لا يعرف حدودًا، وأن الإرادة يمكن أن تذيب الجليد وتفتح الأبواب حتى في أكثر الرياضات انغلاقًا على الجنسيات غير المعتادة.