الملك غير المتوّج: ملحمة داستن بوارييه في UFC

في إحدى ليالي أبو ظبي القاسية، جلس داستن بوارييه مكسورًا في زاوية قفص الـUFC، بينما حبيب نورماغوميدوف يُتوج بانتصاره. في الخلفية، كان دانا وايت ورجال الأعمال يهنئون البطل، فيما غرق "ذا دايموند" في صمته، متأملًا الهزيمة.
اقترب منه فتى عربي، ابتسامة بريئة ترتسم على وجهه، وسأله: "أين الألم يا داستن؟".
أشار بوارييه بصمت إلى صدره، وقال: "هنا... في القلب"، كانت تلك أول صفعة قاسية في مشوار المتحدي الأمريكي.
قصة داستن بوارييه مع لقب بطولة العالم في UFC تشبه قصة حب أفلاطونية: متوافقة في كل شيء، لكنها لم تكتمل.
ثلاث فرص حاسمة، وثلاث إخفاقات، نتيجة للتوقيت، والظروف، وأخطاء صغيرة لكنها قاتلة، كانت تلك هي "الخناجر الثلاثة" التي حطمت حلمه في أن يصبح بطلًا.
السقوط الأول – 2019: حبيب في أبو ظبي
بعد انتصاره على ماكس هولواي وحصوله على لقب الوزن الخفيف المؤقت، طالب بوارييه بفرصته الذهبية لمواجهة البطل الحقيقي، حبيب نورماغوميدوف.
جاء الموعد المنتظر في أبو ظبي، وسط ترقب عالمي، ورغم قوته وثقته، لم يصمد بوارييه أمام موهبة حبيب في المصارعة، الذي أنهى النزال بإخضاع خلفي في الجولة الثالثة.
كانت الهزيمة قاسية لدرجة أن داستن لم يتمكن من الحديث للصحافة، وفكّر جديًا في الاعتزال.
العودة من الرماد
لكنه عاد. صلبًا، صامتًا، وأقوى. تفوق على دان هوكر في نزالٍ ملحمي، وأسقط كونور مكغريغور مرتين، ليحجز مقعده مجددًا في نزال اللقب، هذه المرة أمام تشارلز أوليفيرا، صاحب اليد العليا في فن الإخضاع.
ورغم بداية قوية أسقط فيها خصمه، تكررت النهاية: خنقة مقصلة أنهت الحلم مرة أخرى.
قال بوارييه بعد النزال: "كنت أعلم أنه الأفضل في الجيو جيتسو، وفضّلت خسارة جولة على أن أُخاطر. لكنه في النهاية تفوّق. إنه البطل".
الفصل الأخير – ماخاتشيف
بعد انتصاره على بينوا سانت دينيس، حصل بوارييه على فرصة ثالثة، ربما الأخيرة، ضد الإسلام ماخاتشيف، خاض النزال بشجاعة نادرة، وترك أثرًا واضحًا على وجه الخصم، لكن الموهبة القوقازية تفوقت مجددًا.
خنقة "دارس" في الجولة الرابعة أجبرته على الاستسلام. كانت هذه نهاية قصة مطاردته للقب.
إرث الماس
لم يُتوّج بوارييه بطلًا، لكنه صنع أسطورة. مسيرته تجسّد الجانب الآخر من فنون القتال: الشغف، التضحيات، الكبرياء، والدموع، قد لا يحمل الحزام الذهبي، لكنه يمتلك احترامًا قلّ نظيره. إن لم يكن "ذا دايموند" بطلًا بحكم اللقب، فهو بالتأكيد بطل بحكم القلوب.
داستن بوارييه هو الملك غير المتوّج، والمرجع الذي يجب أن يُحتذى به لكل مقاتل يحلم بترك بصمة تتجاوز الأحزمة والأرقام.