رونالدو في السعودية: الثروة لا تشتري كل شيء

حتى في المملكة العربية السعودية، يبدو أن هناك أشياء لا يمكن شراؤها بالمال.

عندما قرر كريستيانو رونالدو أن يكون أول نجم عالمي ينضم إلى الدوري السعودي للمحترفين في عام 2023، تحوّل من مجرّد رياضي ثري إلى شخصية شبه أسطورية في المشهد الرياضي الخليجي.

وعلى مشارف الأربعين من عمره، يواصل اقترابه بثبات من نادي الرياضيين المليارديرات.

ورغم استمراره في تقديم مستويات مميزة مع منتخب بلاده خلال العامين الماضيين، ما يُثبت أن خدماته لا تزال ذات قيمة، إلا أن راتبه السنوي البالغ نحو 164 مليون جنيه إسترليني يثير الكثير من التساؤلات حول مدى تبريره.

المثير للدهشة أن هذا المبلغ لا يشمل سوى دخله من مشاركته مع نادي النصر داخل الملعب، إذ يجني المهاجم البرتغالي ما يقارب 49 مليون جنيه إسترليني إضافية من أنشطته التجارية والإعلامية خارج المستطيل الأخضر.

صفقة فلكية لا شك، للفائز بالكرة الذهبية خمس مرات في ختام مسيرته الرياضية، وحتى يناير الماضي، كانت جميع التقارير تشير إلى أنه بصدد توقيع عقد جديد يُبقيه في السعودية حتى عامه الحادي والأربعين.

لكن في تطور مفاجئ، أشارت تقارير صحفية إسبانية الأسبوع الماضي إلى أن مستقبل رونالدو في السعودية أصبح موضع شك، مع تبقي شهرين فقط على انتهاء عقده الحالي.

ووفقًا لصحيفة *ماركا*، فإن المفاوضات حول تمديد العقد اصطدمت بعقبة لا يمكن حتى لثروات السعودية تجاوزها بشكل قانوني.

في إطار سعيه لبناء "جنته" في المملكة، اختار رونالدو الاستقرار رفقة عائلته في قصر فاخر بمنطقة المحمدية الراقية، ومع ذلك، يبقى هذا المنزل واحدًا من ضمن مجموعة ممتلكاته العقارية الفاخرة المنتشرة حول العالم.

في البرتغال، يمتلك شقتين في وسط لشبونة، إحداهما تعتبر الأغلى في تاريخ البلاد، إضافة إلى قصر في ماديرا مسقط رأسه، اشتراه عام 2015 وحوّله إلى تحفة معمارية من سبعة طوابق بعد تجديده بتكلفة بلغت 7 ملايين جنيه إسترليني، يُعتقد أن والدته دولوريس وشقيقه هوغو يقيمان هناك.

ويتضمن العقار ثلاثة طوابق تحت الأرض، وحمامي سباحة، وملعب كرة قدم داخلي.

كما يمتلك رونالدو فيلا فاخرة بقيمة 1.4 مليون جنيه إسترليني في لا ريسينا، وهي منطقة تجمع بين الغولف والرفاهية بين ماربيا وإستيبونا، وتُطل الفيلا ذات الأربع غرف نوم على البحر المتوسط، وتضم مسبحًا لا متناهيًا.

إلا أن أبرز استثماراته العقارية ربما تكون القصر الضخم في جزيرة جميرا باي بدبي، الذي قُدرت قيمته بـ"عشرات الملايين".

وتبلغ مساحته 30 ألف متر مربع، ويضم ست غرف نوم، ومدخلًا خاصًا إلى الشاطئ، وصالة عرض لسبع سيارات، وسبا، وحمام سباحة بإطلالة خلابة على أفق دبي، فضلًا عن سكن خاص للموظفين.

بعيدًا عن العقارات، أنفق نجم ريال مدريد السابق ثروته على سيارات فارهة، ساعات نادرة، وحتى طائرة نفاثة من طراز *بومبادير جلوبال إكسبريس 6500* بقيمة 61 مليون جنيه إسترليني، اشتراها عام 2024.

تتميز الطائرة السوداء الفاخرة بمقصورات متعددة، تشمل منطقة جلوس، جناحًا بسرير مزدوج، ودُشًا خاصًا.

صديقته المؤثرة جورجينا رودريغيز، التي تثير إعجاب الملايين على مواقع التواصل، كثيرًا ما تشارك لمحات من رفاهية حياتهما، وقد لفتت الأنظار مؤخرًا بخاتم خطوبة ضخم، ما أثار التكهنات بشأن "مفاجأة فاخرة" جديدة.

يرتبط الثنائي منذ عام 2016، ولديهما ابنتان: آلانا (7 سنوات)، وبيلا (سنتان)، كما تعد جورجينا زوجة أب لأطفاله الثلاثة الآخرين.

وعُرف أفراد العائلة برحلاتهم على متن يخت "أزيموت غراندي" الذي تبلغ قيمته 5.5 مليون جنيه إسترليني، ويضم خمس كبائن وستة حمامات فاخرة، حيث تجوب العائلة وجهات البحر المتوسط الأكثر جذبًا.

لكن على أرض الملعب، لم يحقق رونالدو النجاح الجماعي الذي يوازي إنجازاته الفردية.

فبعد انضمامه إلى النصر في يناير 2023، سجل 14 هدفًا في 16 مباراة، وتبعها بـ44 هدفًا في 45 مباراة في أول موسم كامل له.

وهذا الموسم، واصل تألقه بتسجيل 23 هدفًا في الدوري حتى الآن، ليبقى في صدارة الهدافين.

رغم ذلك، لم يتوج الفريق بأي لقب حتى الآن. الأمر يبدو محبطًا، خاصة في ظل وجود نجوم كبار مثل ساديو ماني، مارسيلو بروزوفيتش، إيمريك لابورت، وأحدث الوافدين جون دوران، فالنصر يمتلك ما يكفي من الجودة للتنافس على أكثر من بطولة كل موسم.

إقصاء الفريق من دوري أبطال آسيا بعد الهزيمة أمام كاواساكي فرونتال الياباني (3-2) زاد الشكوك حول مستقبل رونالدو. فقد أهدر فرصة التعادل في اللحظات الأخيرة رغم تجاوزه الحارس، قبل أن يتعثر بطريقة درامية.

عقب المباراة، كتب رونالدو عبر "X": "أحيانًا، على الحلم أن ينتظر. أنا فخور بالفريق وبما قدمناه على أرض الملعب. شكرًا لكل المشجعين الذين دعمونا وآمنوا بنا. دعمكم لا يُقدّر بثمن".

وفي الأيام التالية، خسر النصر أمام الاتحاد بنتيجة 3-2 رغم التقدم بهدفين، ما تسبب في تراجعه للمركز الرابع، ويُقال إن رونالدو كان محبطًا لدرجة أنه غادر الملعب دون أن يغيّر ملابسه.

ورغم عودة الفريق لاحقًا إلى المركز الثالث، إلا أن التأهل لدوري أبطال آسيا لا يزال في مهب الريح، النصر يملك نقطة واحدة فقط تفصله عن أقرب منافسيه، وأي تعثر في آخر ثلاث مباريات قد يجعل موسمه كارثيًا.

ومع اقتراب نهاية عقده، يحتاج رونالدو إلى اتخاذ قرار سريع بشأن مستقبله، ورغم التكهنات، من الصعب تصور انتقاله إلى نادٍ جديد في هذا التوقيت من مسيرته، لا سيما وقد صرّح سابقًا بأنه غير مستعد بعد لتعليق حذائه.

ما زال نجم البرتغال يطمح للمشاركة في كأس العالم 2026، ويسعى لتحقيق حلمه الكبير: الوصول إلى 1000 هدف رسمي في مسيرته.

لقد فتح الدوري السعودي لرونالدو أبوابًا من الثراء والفرص، لكنه، وعلى الرغم من كل ما حصده، يبدو أنه لا يزال يبحث عن الكنز الأغلى… المجد الرياضي.