الاتحاد الإسباني لكرة القدم: استغلال مواعيد المباريات لصالح ريال مدريد!

إن الشكوى الأكثر صدى في تاريخ كرة القدم الإسبانية بشأن تعديل مواعيد المسابقات حدثت في يناير 2000، عندما اقترح رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، سيب بلاتر، تنظيم كأس العالم للأندية في البرازيل في الفترة بين 5 و14 يناير 2000، بمشاركة سبعة فرق، بناءً على الجدارة الرياضية، بالإضافة إلى ريال مدريد كضيف شرف بدون مقابل.
وقد تزامنت هذه التواريخ مع جدول مباريات الفريق الملكي المحلي، ما أثر بشكل كبير على مواعيد مباريات ريال مدريد في الدوري الإسباني.
ورغم ذلك، قدم الاتحاد الإسباني حلاً لهذه الأزمة، من خلال تعديل جدول المباريات، مما أدى إلى تعقيد الأمور بشكل ملحوظ، كما يحدث اليوم مع برشلونة.
في تلك الفترة، كان من المقرر أن يخوض ريال مدريد مباراتين في الدوري ضد ريال بيتيس وبلد الوليد، بدلاً من السفر إلى البرازيل للمشاركة في البطولة.
لكن تم تغيير هذين الموعدين إلى تواريخ كانت مخصصة في الأصل لمباريات المنتخب الإسباني! ولتنفيذ ذلك، لم يختار المدرب خوسيه أنطونيو كاماتشو أي لاعب من ريال مدريد للمشاركة في المباريات، في خطوة جريئة من رئيس الاتحاد الإسباني، أنخيل فيلار، والأمين العام جيراردو جونزاليس.
بل ذهب فيلار إلى حد القول إنه اتخذ هذا القرار "من أجل مصلحة كرة القدم الإسبانية"، وهي عبارة تحمل أصداء الدكتاتورية التي كانت سائدة في الخمسينيات، وكان لها تأثير واضح على ريال مدريد.
وفي إطار هذه الخطوات غير المعتادة، أصر فيلار على أن المنتخب الوطني لا يجب أن يقف عائقًا أمام مصالح الفريق الملكي، وقرر إجراء تعديلات في مواعيد المباريات المحلية بما يخدم مصلحة ريال مدريد.
وعلى سبيل المثال، في 25 يناير 2000، بعد نهاية كأس العالم للأندية في البرازيل، لعب ريال مدريد ضد ريال بيتيس في مباراة مؤجلة، بينما لعب منتخب إسبانيا ضد بولندا في اليوم التالي.
أما المباراة الثانية في الدوري ضد بلد الوليد، فكانت مزمعة في 22 فبراير، ولكن تم تقديمها إلى أسبوع قبل ذلك، بسبب التغييرات في جدول كأس ملك إسبانيا، بعد خروج بلد الوليد من المسابقة.
أما بالنسبة لريال مدريد، فمتى تم لعب مباراة دور الـ32 من كأس ملك إسبانيا؟ تم حل المشكلة بشكل "سهل" بفضل قرار الاتحاد الإسباني بإلغاء المباراة، التي كان من المفترض أن يخوضها ريال مدريد، في خطوة تسببت في إلغاء مباراة الفرق الأخرى في نفس الدور، لتكون هذه الطريقة الوحيدة لتجنب الأزمة التي كانت تلوح في الأفق.
أما في برشلونة، فقد شهدت مسابقة كأس ملك إسبانيا واقعة مثيرة للجدل، حيث تأثرت المباراة التي كان من المقرر أن يخوضها ضد أتلتيكو مدريد بسبب سوء تنظيم الاتحاد الإسباني، مما أدى إلى أن برشلونة اضطر إلى اللعب بنقص شديد في اللاعبين.
ففي تلك الفترة، كانت الأندية الإسبانية مطالبة بإطلاق سراح لاعبيها الدوليين قبل 48 ساعة من المباريات الرسمية، وكان من المفترض أن يكون هذا الشرط مصونًا.
ومع ذلك، كانت المباراة بين برشلونة وأتلتيكو مدريد في نصف نهائي كأس ملك إسبانيا مهددة بالإلغاء بسبب نقص اللاعبين في صفوف الفريق الكتالوني، مما دفع الاتحاد إلى تغيير موعد المباراة إلى يوم الإثنين التالي، وهو يوم عيد الفصح، في خطوة انتهكت لوائح الراحة للاعبين.
الجدير بالذكر أن برشلونة رفض هذا التغيير، مما أدى إلى خسارته المباراة وبالتالي تم استبعاده من البطولة لمدة عامين.
هذا الإيقاف كان بمثابة ضربة للكتالونيين، خاصة وأن الاتحاد الإسباني لم يُظهر أي تعاطف مع موقفهم.
ومن الحالات الأخرى المثيرة التي شهدها الاتحاد الإسباني، كانت حالة أتلتيكو مدريد في يناير 1997، عندما أصيب عشرة من لاعبيه بمرض التهاب المعدة والأمعاء، ورغم أن هناك 15 لاعبًا آخر في التشكيلة، قرر الاتحاد تأجيل مباراتهم ضد تينيريفي بعد أربعة أشهر.
في تلك الفترة، لم يكن برشلونة على دراية بما يحدث في العاصمة الإسبانية، وكانت انشغالاتهم تقتصر على نتائج الفريق في المباريات المحلية.
لكن في مدريد، كانت القضية الحقيقية هي نجاح برشلونة في تحقيق سبعة ألقاب خلال ثلاث سنوات، مما أثار قلقًا في الأوساط المدريدية حول هيمنة برشلونة على الكرة الإسبانية.
وقد استمرت المؤامرات في الظهور مع اختراع "قضية فيلاراتو"، التي كانت موجهة ضد الفريق الكتالوني، في وقت شهدت فيه كرة القدم الإسبانية العديد من الحيل لصالح ريال مدريد.
ورغم خسارة الفريق الملكي في المباراة النهائية لكأس العالم للأندية ضد نيكاكسا المكسيكي بركلات الترجيح، لم تتوقف محاولات التأثير على المسابقات لصالح الأندية الكبيرة.
لقد كانت تلك الفترة واحدة من أكثر اللحظات إثارة للجدل في تاريخ كرة القدم الإسبانية، حيث أظهرت كيف يمكن أن يؤثر التدخل التنظيمي في مواعيد المباريات على الأندية، وتحديدًا على فرق مثل برشلونة، التي وجدت نفسها في وضع صعب نتيجة لهذه القرارات.
المصدر: صحيفة موندو ديبورتيفو