أنيسيموفا: أنت لست مجرد لاعبة تنس

قبل أن تصل إلى الدور نصف النهائي في بطولة ويمبلدون، كانت أماندا أنيسيموفا لاعبة مراهقة موهوبة مرشحة للفوز بألقاب البطولات الأربع الكبرى.
ووصلت إلى الدور نصف النهائي في بطولة فرنسا المفتوحة عام 2019 عندما كانت تبلغ من العمر 17 عامًا، حيث تغلبت على حاملة اللقب سيمونا هاليب على طول الطريق، وانتقلت إلى داخل أفضل 25 لاعبة في العالم.
ولكن بعد أربع سنوات، أدركت أنيسيموفا أنها بحاجة للتوقف. فمع معاناتها من مشاكل في صحتها النفسية وإرهاقها، وجدت أن حضور بطولات التنس أمرٌ "لا يُطاق".
ولم تلمس مضربًا لشهور. أخذت عطلات، والتقت بالأصدقاء والعائلة، وحضرت جامعتها شخصيًا لفصل دراسي، وابتعدت عن التنس حتى عادت إليها الرغبة في اللعب.
وتستعد أنيسيموفا لمواجهة المصنفة الأولى عالميا أرينا سابالينكا يوم الخميس من أجل مكان في نهائي بطولة جراند سلام لأول مرة، وتشعر بالامتنان لأنها استطاعت أخذ الوقت الكافي لإعادة ضبط نفسها.
وقالت اللاعبة البالغة من العمر 23 عاما لإذاعة بي بي سي "لقد تعلمت الكثير عن نفسي وعن اهتماماتي خارج الملعب وعن قضاء بعض الوقت في التنفس وعيش حياة طبيعية لفترة من الوقت".
وأضافت "ما تعلمته هو الاستماع بصدق إلى نفسك، وإلى حدسك وما يخبرك به جسدك."
وعلى مدار موسم يمتد 11 شهرًا، يتنقل اللاعبون من غرفة فندقية إلى أخرى حول العالم سعياً وراء النقاط وجوائز مالية.
ويأتي ذلك جنبًا إلى جنب مع التأثير النفسي الناجم عن محاولة كسر سلسلة الهزائم، والضغط الناجم عن محاولة الفوز ببطولة جراند سلام، والرسائل المسيئة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال ماتيو بيريتيني، الذي قضى ثلاث سنوات وهو يكافح الإصابات، إنه كان شعورا "ثقيلا" بالتواجد في الملعب، بينما قال المصنف الثالث عالميا ألكسندر زفيريف إنه "يفتقر إلى الفرح" داخل وخارج التنس ولم "يشعر بهذا الفراغ من قبل".
وكان أندريه روبليف صريحًا بشأن صراعاته، حيث أخبر صحيفة الغارديان في يناير، خارجيأنه عمل مع طبيب نفسي لكي يتوقف عن الشعور "بهذا القلق الجنوني والتوتر الناتج عن عدم فهم ما يجب فعله بحياته".
ولديه أيضًا منظور جديد. في مرحلة ما، كان الفوز ببطولة جراند سلام كل شيء بالنسبة لروبليف. الآن، يقول إنه يعلم أن ذلك لن يغير حياته إطلاقًا، لكنه يدرك أيضًا صعوبة الابتعاد عن الرياضة.
وقال روبليف "في النهاية، التنس هو مجرد نقطة انطلاق. إنه شيء بداخلك عليك مواجهته".
وأضاف "أخبر زفيريف أن يأخذ استراحة، سيصبح الأمر صعبًا عليه. سيحب اللعب. بالتأكيد، كاسبر رود، ربما، فالأمر ليس سهلًا عليه أيضًا."
وقال كارلوس ألكاراز، الفائز بخمس بطولات كبرى، في فيلم وثائقي على شبكة نتفليكس، إن أكبر مخاوفه هو أن يصبح التنس بمثابة "التزام".
والسعي الدؤوب لتحقيق النجاح، والتصميم على الفوز بالبطولة الكبرى التي طال انتظارها أو كسر سلسلة الهزائم أمام لاعب معين، يصبح جزءًا من شخصية أي شخص، وقد يجد صعوبة في معرفة أين تنتهي لعبة التنس وأين يبدأ هو.
ويبذل ألكاراز جهدًا مُكثّفًا للاستمتاع داخل الملعب وخارجه. ليس من المُستغرب أن تراه يضحك بعد نقطة رائعة - حتى عندما كان يُكافح ضد فابيو فونيني في الجولة الأولى من بطولة ويمبلدون، كان لا يزال يبتسم لضربات خصمه السخيفة.
وتحدث أيضًا عن مدى الانتعاش الذهني الذي حصل عليه من رحلاته إلى إيبيزا، حتى لو لم يرغب فريقه في ذهابه بعد فوزه ببطولة فرنسا المفتوحة عام 2024.
وقال الإسباني "الأمر يتعلق بالاستمتاع بلعب التنس والاستمتاع بالدخول إلى الملعب وعدم التفكير في النتيجة، إنها مجرد عيش اللحظة."
وتحدثت بطلة أستراليا المفتوحة ماديسون كيز عن كيفية مساعدة العلاج لها في اكتساب المنظور.
وقالت الأمريكية إنه عمل في السابق مع علماء نفس رياضيين، لكنها أوضحت أن التركيز على الرياضة "لم يكن مفيدًا كما كنت أحتاج إليه".
وأضافت "منذ سن مبكرة جدًا، أصبحت هويتنا مرتبطة بشكل كبير بكوننا لاعبي تنس".
وتابعت "هذا أمر رائع، ولكن عندما تواجه أسابيع وأشهرًا وسنوات صعبة في الجولة، فقد يؤثر ذلك سلبًا على الطريقة التي تفكر بها في نفسك كشخص".
وأردفت "إن القدرة على التعمق في ذلك ومعرفة كيفية فصل الاثنين ومعرفة أنك لست مجرد لاعب تنس، بل أنت شخص كامل لديه كل هذه السمات والاهتمامات الرائعة الأخرى، كانت جزءًا مهمًا حقًا بالنسبة لي".
وختمت "هذا جعل لعبة التنس أسهل قليلاً."
فيما عملت سابالينكا مع معالج لمدة خمس سنوات قبل أن تقرر أنها مستعدة "لتحمل المسؤولية"، ووصفت نفسها بأنها "طبيبة نفسية خاصة بي".
وتتحدث بصراحة مع فريقها قائلة "يمكننا التحدث عن أي شيء. وأنا أعلم أنهم لن يحكموا علي".
وأضافت "لن يلوموني. سيتقبلون الأمر ببساطة، وسنعمل على حل المشكلة."
وقالت أنيسيموفا إن استراحتها كانت "شيئًا ضروريًا" ووضعتها على المسار الذي تسلكه اليوم.
ومنذ عودتها إلى الجولة، فازت بأكبر لقب في مسيرتها في بطولة رابطة محترفات التنس 1000 في الدوحة، ودخلت قائمة أفضل 10 لاعبات في العالم.
وأضافت "لقد كان هذا شيئًا كنت بحاجة إليه لنفسي".
وتابعت "لقد كان علي بالتأكيد أن أجد طريقي للعودة، وأن أعمل بجد على الجانب البدني، وأن أخصص ساعات من التدريب".
وأردفت "لقد كانت رحلة رائعة. لقد وجدت أخيرًا لعبتي وثقتي بنفسي."