"الأربعة الكبار" يجتمعون مجددا في وداع نادال في بطولة فرنسا المفتوحة

رافا، روجر، نوفاك وأندي، تتدفق الأسماء على لسان مشجعي التنس في العصر الحديث بنفس السرعة التي تتدفق بها أسماء جون وبول وجورج ورينجو على لسان مهووس البيتلز.

ولم يعد من الممكن رؤية هؤلاء الأربعة الرائعين - أو الأربعة الكبار كما يُعرفون، من العصر الذهبي لبطولة اتحاد لاعبي التنس المحترفين بعد الألفية الجديدة معًا كثيرًا هذه الأيام، حيث أصبح رافائيل نادال ثالث لاعب من المجموعة يعتزل في نهاية العام الماضي.

ولكنه اجتمع مع روجر فيدرر ونوفاك ديوكوفيتش وأندي موراي يوم الأحد في بطولة فرنسا المفتوحة للتنس التي قدمت وداعا عاطفيا لبطلها 14 مرة.

وقال نادال (37 عاما) في تصريحات مؤثرة لمنافسيه الذين أصبحوا أصدقاء بعد أن توجهوا للانضمام إليه في ملعب فيليب شاترييه: "بعد كل هذه السنوات من القتال من أجل كل شيء، من غير المصدق كيف يغير الزمن منظور الأشياء".

وأضاف "كل التوتر والضغط والمشاعر الغريبة عندما ترى بعضكما البعض عندما تكونان متنافسين، يصبح الأمر مختلفًا تمامًا عندما تنهي مسيرتك".

وتابع "لقد بنينا تنافسات مذهلة ولكنني أعتقد أنها كانت جيدة، لقد قاتلنا بجد من أجل الألقاب ولكننا كنا زملاء جيدين واحترمنا بعضنا البعض".

وأردف "وجودكم هنا يعني لي الكثير. لقد استمتعتُ حقًا ببذل أقصى جهدي كل يوم للتنافس معكم جميعًا".

وتلقى فيدرر، الذي أمسك بيد نادال أثناء بكائهما خلال المباراة الأخيرة في مسيرة اللاعب السويسري البالغ من العمر 43 عاما، أول عناق دافئ، تلا ذلك عناق لديوكوفيتش وموراي.

ووصل ديوكوفيتش (38 عاما) إلى باريس قبل ساعات فقط من فوزه باللقب رقم 100 في مسيرته يوم السبت، بينما ضحك البريطاني موراي بعد ذلك عندما قال إنه كان يعتقد أنه سيكون في الحفل بصفته مدرب اللاعب الصربي.

وانتهت شراكتهما في وقت سابق من هذا الشهر، مما أدى إلى سؤال مديرة بطولة فرنسا المفتوحة أميلي موريسمو لموراي البالغ من العمر 38 عاما عما إذا كان لا يزال قادرا على المشاركة.

وقال نادال "لم أكن أعلم أنهم سيكونون هنا، ولكنني كنت أتخيل أنهم سيأتون، أحيانًا تكون أجندات الناس صعبة. لكنهم يعلمون بالطبع أن التواجد هناك سيجعل يومي مميزًا جدًا بالنسبة لي".

وكان سفر موراي إلى باريس من لندن والعودة يوم الأحد بمثابة مقياس لاحترامه وتقديره لنادال، الذي أصبح صديقا له عندما كانا ناشئين.

وقال موراي لمجموعة صغيرة من الصحفيين "ما حققه في النهاية كان مذهلا، وخاصة هنا".

وأضاف "يقول الناس ذلك طوال الوقت فيما يتعلق بالأرقام القياسية، ولكنني أعتقد حقًا أنني سأندهش للغاية إذا تم تحطيم هذا الرقم، أعتقد أنها ستصمد أمام اختبار الزمن".

وتابع "إنه لاعب مذهل، رائع، وشخص عظيم، وكان من الرائع أن نراه يحظى بحفل وداع مناسب."

وفي وقت لاحق، روى نادال حكاية طريفة قدمت المزيد من التبصر في صداقته مع موراي، قائلا "بعد فوز أرسنال على ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، أرسل لي رسالة.

وأضاف "سأقرأها لك: مرحبًا رافا، لم أتحدث إليك منذ فترة - فقط أطمئن عليك وأتأكد من أنك بخير".

واتابع "ستغرق الأمر مني خمس ثوانٍ لأدرك ما كنت أقرأه. فكرتُ: إنه رجلٌ لطيفٌ للغاية". إنه يتمتع بحس فكاهة بريطاني. بالمناسبة، لم أرد عليه عندما فاز باريس سان جيرمان على أرسنال".

وخاض نادال الجزء الأكبر من مبارياته الـ115 في بطولة فرنسا المفتوحة على ملعب فيليب شاترييه وفاز بكل من ألقابه الـ14 على أشهر ملعب ترابي في العالم.

وبعد ستة أشهر من المباراة النهائية لمسيرته في نهائيات كأس ديفيز في إسبانيا، عاد لتقديم وداع خاص.

وكانت مباريات نادال على ملعب شاترييه تُزيّنها ألوانٌ حمراء وصفراء إسبانية. يوم الأحد، كان اللون المُستخدم هو لون رولان غاروس الطيني.

وتم تسليم قميصًا لكل حامل تذكرة في طريقهم إلى الملعب الذي يتسع لـ 15 ألف مقعد، مما أدى إلى إنشاء لوحة تتناسب مع لون السطح الذي هيمن عليه نادال لفترة طويلة.

وحتى قبل ظهور نادال في الحفل الذي استمر 50 دقيقة، دوى هتاف "رافا! رافا! رافا!" بينما كان جمهوره المعجب ينتظر وصوله.

ووقفت أغلبية الجماهير على أقدامها عندما غادر نادال الذي كان يرتدي البدلة والحذاء، بما في ذلك كارلوس ألكاراز - الذي كان ينظر إليه منذ فترة طويلة باعتباره وريث تاج نادال - وبطلة السيدات الحالية إيجا سواتيك.

وتلا ذلك تصفيقٌ طويلٌ استمر لأكثر من دقيقة. غمرت مشاعر نادال، فعضّ شفتيه ومسح فمه وهو يستوعب الإشادة.

وبعد أن شاهد مقطع فيديو للذكريات المميزة التي صنعها في بطولة رولان جاروس، أشاد نادال بعائلته - الذين كانوا يجلسون في الصف الأمامي من الجناح الرئاسي - وبالبطولة والجماهير الفرنسية.

وفي نهاية خطابه الذي ألقاه باللغات الإسبانية والفرنسية والإنجليزية، لم يعد بإمكان نادال أن يحبس دموعه.

كما كان هناك رسالة شكر موجهة إلى أحد أفراد الأسرة على وجه التحديد - عمه توني، الرجل الذي علمه التنس منذ أن كان في الثالثة من عمره ودربه على الفوز بـ 16 من ألقابه الكبرى الـ 22.

وبعد الظهور المفاجئ لفيدرر ودجوكوفيتش وموراي، كان لا يزال هناك وقت لمفاجأة أخرى. كشفت موريسمو ورئيس الاتحاد الفرنسي للتنس جيل موريتون عن لوحة فضية تحمل بصمة قدم نادال، بجوار عمود شبكة شاترييه.

وقال نادال "كان يومًا مثاليًا. لم أكن أتوقع يومًا أكثر إثارة. كان يومًا لا يُنسى، مليئًا بالمشاعر".

وأضاف "بالنسبة لشخص مثلي، لا يُحب هذا النوع من الأمور، ما زلت خجولًا بعض الشيء ولا أحب أن أكون محط الأنظار. لكنني استمتعت بالأمر كثيرًا".