عشر ثوانٍ غيّرت تاريخ الملاكمة: من سقوط تايسون إلى ولادة بطل جديد

كم من الوقت يستغرق العد حتى الرقم 10؟ ربما تعتقد أنه 10 ثوانٍ، لكن الحقيقة أكثر تعقيدًا.
في الملاكمة، عندما يسقط المقاتل على الحلبة، يبدأ الحكم في العدّ، هذه الثواني العشر قد تحسم مصير نزال بأكمله.
أجريتُ تجربة بسيطة، وحين حاولت العد بنفس إيقاع الحكم، استغرقت 13 ثانية.
لكن ما يُحسب في الواقع ليس الوقت بالثواني على ساعة توقيت، بل العد البشري للحكم.
وفي نزال مايك تايسون ضد باستر دوغلاس، كان الحكم أوكتافيو ميران يتمنى لو كانت التكنولوجيا هي التي تقوم بالعد بدلًا منه.
المعركة الكبرى
تايسون، في أوج مجده، لم يرَ في دوغلاس خصمًا يستحق القلق، قضى الأسابيع التي سبقت النزال بين الحفلات واللهو، بينما كان خصمه يمر بأصعب فترات حياته: طلاق، وفقدان والدته التي كانت الوحيدة التي آمنت بأنه سيهزم "آيرون مايك".
وعلى عكس تايسون، وضع دوغلاس كل طاقته في الاستعداد.
بدأت المعركة، تايسون كان بعيدًا عن مستواه المعتاد، ومع ذلك، نجح في إسقاط دوغلاس بلكمة علوية قوية في الجولة الثامنة.
بدأ العدّ... "واحد، اثنان، ثلاثة..."، حتى الرقم "ثمانية" نهض دوغلاس، ورن الجرس معلنًا نهاية الجولة.
الجمهور ذُهل، دوغلاس لم ينهض فقط، بل عاد أقوى، وفي الجولة العاشرة وجه لتايسون ضربة قاضية أنهت النزال.
انتهت أسطورة "المايك الحديدي"، وولد بطل جديد قال والدموع في عينيه: "لقد فعلتُ ذلك من أجل أمي".
الجدل
هنا بدأت الفوضى، هل تأخر الحكم في العد عند سقوط دوغلاس؟ يقول تايسون في سيرته الذاتية: "كان مُحدد الوقت يابانيًا، والحكم مكسيكيًا، لم يتحدثا اللغة نفسها، ولم يتمكنا من تنسيق العد".
وعندما نطق الحكم بالرقم "خمسة"، كان دوغلاس قد قضى ثماني ثوانٍ على الأرض بحسب الساعة.
استمر الجدل لأيام قبل أن يتم الاعتراف رسميًا بفوز دوغلاس باللقب، لكنه لم يدافع عنه طويلًا، حيث خسره لاحقًا أمام إيفاندر هوليفيلد، أما الحكم أوكتافيو ميران، فلم يتم تعيينه مرة أخرى في أي نزال على اللقب بعد هذه الليلة.
دروس من عشر ثوانٍ
خسر تايسون لقبه وبدأ انحداره، في حين أوفى دوغلاس بوعد والدته. حكمٌ واعد خسر مستقبله المهني، وملاكم عائد من الحضيض صنع مجده في لحظة.
عشر ثوانٍ كانت كافية لتغيير مصير ثلاثة رجال ولتكتب واحدة من أعظم القصص في تاريخ الرياضة.